من مدينة بون النهضة ترد على الشتائم والتشويه..
عندما سئل احد قيادات النهضة في ألمانيا إذا كان الغنوشي سيرد عن حملة التشويه والشتائم الأخير التي طالت الحركة وصدرت حتى من وجوه محسوبة على الثورة، قال اكيد تلك من صميم مهامنا، قمنا بالرد في برلين وسنرد في ميونخ ثم في بون، لكن بعد انتهاء اللقاء الجماهيري في بون، سئل مرة اخرى هل عجزتم عن الرد؟ فأجاب بلى قمنا بالرد الشافي، ثم استطرد لا اعتقد انكم تعنون بالرد، تبادل الشتائم! لا..لا.. نحن نرد على الشتيمة بالإنجاز، وقد فعلنا ومازلنا..
بالعودة الى لقاءات برلين وتجمع ميونخ وانجاز بون، يتأكد ان النهضة استوعبت الدرس وتيقنت ان الاهتمام بالمشاحنات لا ينفع الحزب ولا الوطن، فانصرفت الى الفعل الذي وحده من يصنع الأحزاب الجادة القادرة على قيادة الأوطان في مراحلها الانتقالية الحرجة، وفعلا تمكنت النهضة من تحريك الإنجاز في وجه الإساءة خلال العديد من المحطات، آخرها لقاء بون، الذي كان مناسبة التقى فيها الحزبي والوطني كما التقى فيها العربي بالإسلامي بالألماني.. وجوه عديدة تداولت على المنصة، البرلماني الألماني الخبير التونسي السياسي الطاجيكي...في القاعة والى جانب أبناء الجالية تواجد المغربي والتركي والجزائري والطاجيكي..كوكبة من الباحثين والنشطاء كانوا في الموعد، منهم من قدِم للوقوف على تجربة النهضة والاقتراب من أفكار كبار مهندسيها، ومنهم من ساقه الفضول، وغيره الذي جاء ليمارس النقد، وذلك من صلب حقوقه، فالحزب الذي يعتلي منصة دولة الثورة، ويمعن في قيادة الحلم الديسمبري، عليه ان يستعد للمدح كما الذم كما النقد، هنا ديمقراطية ناشئة لا تحتمل الأجسام السياسية الحساسة التي تطرحها نزلة برد عابرة، هنا بيئة تعج بالفيروسات الخطيرة، تبحث عن أحزاب وطنية ذات الجلد التمساحيّ السميك.
في بون كان لقاء التتويج وكان الحضور المكثف وكان الوفاء، جدد أنصار النهضة الوفاء لحركتهم، وجدد قدماء المسيرة الولاء لمشروعهم، وجدد الشباب رغبتهم في التقاط المشعل، وجدد السياسي برنارد فيلكس صداقته للثورة التونسية، وجدد الغنوشي العهد مع المدينة الالمانية الصغيرة التي احتضنت النضال النهضاوي سنوات الجمر، وجدد ضيوف الحركة اعجابهم بتماسك الثورة التونسية في محيط يعج بالبراكين، كما جددوا ثقتهم في النهضة كحاملة امينة لمشروع الانتقال الديمقراطي، وتجددت المقولة المشهورة، النهضة أمل التجربة التونسية والتجربة التونسية امل المنطقة، قالها أحد الأشقاء العرب "هل تعِدونا بأنكم لن تفشلوا"، سنعدك بأن نقدم الغالي والنفيس حتى لا يطرق الفشل أبواب الثورة التونسية.. إذا واجهونا بأعراب الصحراء، سنواجههم بفرسان الصحراء، وما كان لصحراء ملطخة بالنفط، أن تهزم الصحراء المخضبة بالشرف.. سيداهوننا بكثبان ما بعد ثكنات المارينز، سنخرج لهم بكثبان ما بعد مضارب ورغمة.
على بعد أشهر من 78 سنة، يدخل الغنوشي في حوار مباشر مع الجالية دام قرابة 3 ساعات أجاب فيه عن 100 سؤال!! مازال الرجل يصر على التحدي ومازال لا يعبأ بالسنوات التي تلاحقه، مازال الغنوشي لم يتحول الى دافع رمزي ، بل يصر على ان يكون هو الدافع المباشر، ان تشرف على سلسلة من اللقاءات ثم تقوم بسلسلة من السفريات، أن تتنقل من مدينة المانية الى أخرى وتلتقي وتأثث وتتفاعل، ثم تغادر ألمانيا باتجاه تركيا للانطلاق في دورة اخرى من الحراك، هذا يعني ان الزعيم النهضاوي يرفض التحول الى تاريخ مشرّف ويصر على مواصلة صناعة التاريخ المشرّف.
نصرالدين السويلمي